لمحبي القصص الفرعونية :
يحكى أن بيتًا واحدًا يضم أخوين كبيرهما متزوج ويسمى "إنبو" وصغيرهما غير متزوج ويسمى "باتا"، وقد وصفت القصة "باتا" الصغير بآيات القوة والإخلاص والوفاء، وصورته مؤيدًا بقوة ربانية، وروت أنه عرف منطق الحيوان، ونسبت إليه المهارة المطلقة في شئون الزراعة والرعي. واعتاد "باتا" أن يخرج بماشية أخيه مع الفجر فيحرث أويحصد ويرعى قطيعه، ثم يعود في المساء محملاً بخيرات الحقل وألبان البقر ويقدمها راضيًا بين يدي أخيه وزوجته. وبعد أن يتناول عشاءه ينطلق إلى حظيرة الماشية فينام فيها وحيدًا قانعًا فإذا اقترب الفجر أعد إفطار أخيه وقدمه إليه، ثم أخذ إفطاره معه وساق ماشيته إلى الحقل والمرعى وكان يحدث أحيانًا أن تتهامس الماشية فيما بينها بأن الكلأ في مكان بعينه وفير نضير؛ فيفهم "باتا" قولها ويحقق لها رغبتها وينتجع بها ما توده من العشب.
وفي يوم كان الأخوان يزرعان في الحقل فاحتاجا إلى بعض البذر، وذهب الأخ الأصغر إلى البيت ليحضره، وكانت زوجة أخيه الكبير تمشط شعرها، فما رأته يحمل قدرًا كبيرًا من البذور على سواعده حتى راقها جماله، وأعجبت بقوته، فراودته عن نفسه، وغلقت الأبواب وقالت هيت لك ودعنا نمرح ساعة ونضجع، فذلك خير لك ولسوف أخيط لك ثيابًا حسانًا، وفوجئ الفتى وأجفل وبدا في هيئة فهد الصيد الغضوب كما روت القصة وأربد وجهه من سوء ما دعته إليه، وقال لها الفتى: "اسمعي أنت بالنسبة لي في منزلة الأم وزوجك في منزلة الأب لأنه أكبر مني وقد تعهدني ورباني فلم هذا العار الذي تدعينني إليه؟ إياك أن تفاتحيني فيه مرة أخرى ولك من ناحيتي ألا أخبر أحدًا به أو أدعه يخرج من فمي إلى أحد". واحتمل "باتا" حمولته، وانصرف إلى المزرعة، فلما بلغ أخاه استأنف العمل كدأبه دون أن ينبس ببنت شفة.
هذا وقد أضمرت المرأة في نفسها الكيد لهذا الفتى وقابلت زوجها في المساء متمارضة متباكية متظاهرة بالألم، وادعت أن أخاه الأصغر راودها عن نفسها، فصمم الأخ الأكبر على قتله عندما يعود بالماشية واختبأ وراء الباب لهذه الغاية، وما إن قرب الصغير من البيت حتى أخبرته بقرة من التي كان يسوقها بما دبر له، ففر "باتا" وتبعه "إنبو" بسلاحه وتطلع "باتا" في محنته إلى ربه رب الشمس رع حور آختي وناجاه: "مولاي الكريم، أنت الذي تفرق بين الآثم والبريء" فاستجاب رع لدعائه وفصل بينه وبين أخيه بنهر عظيم ملأته التماسيح فعجز "إنبو" عن اللحاق به وجرت بينهما محادثة برّأ "باتا" فيها نفسه، وأبان عزمه على الرحيل إلى وادي الأرز وأنه سيضع قلبه على زهرة في أعلى إحدى أشجاره وعين له علامة إذا حدثت كانت دليلاً على وفاته، وعلى الأخ الأكبر حينئذ أن يذهب إلى وادي الأرز ويبحث عن قلبه ويضعه في الماء؛ فتعود الحياة إلى"باتا" ثانية وينتقم لنفسه من القاتل.
وبعد هذه المحاورة رجع "إنبو" إلى قريته فقتل زوجته انتقامًا لأخيه. أما "باتا" فقد ذهب إلى وادي الأرز ولما رأته الآلهة وحيدًا في هذا الوادي أشفقت عليه وجعلت الإله خنوم يسوي له زوجة، وقد خالفته هذه الزوجة فذهبت إلى البحر رغم تحذيره لها من هذا العمل فأراد البحر أن يختطفها ولكن "باتا" أنقذها منه وكل ما استطاع البحر أن يأخذه منها خصلة من شعرها طفت على وجهه حتى وصلت إلى مصر وهناك فاح شذاها وانتشرت رياها، فشغف الفرعون بصاحبتها وأرسل إلى وادي الأرز في طلبها فحضرت زوجة "باتا" مع الرسل وصارت محظية عند الفرعون. ولما كانت تخاف بأس زوجها أغرت الفرعون بقطع شجرة الأرز التي تحمل قلبه فسقط قلبه بسقوطها ومات؛ وعندئذ حدثت العلامة التي كان قد ذكرها لأخيه ليعلم بها أمر موته - وهي فوران إبريق من الجعة - فسعى في الحال إنبو إلى وادي الأرز لينقذ قلب أخيه.
وبعد سنين وجده في صورة فاكهة فأعاده إلى الحياة بوضعه في الماء ثم صير باتا نفسه ثورًا وحمل أخاه إلى مصر وأفصح لزوجه عن شخصه فأغرت الفرعون بقطع الشجرتين وصنع أثاث لها منهما ففعل وأثناء صنع الأثاث تطايرت شظيتان من الخشب دخلتا فم الزوجة فحملت وأنجبت صبيًا صار وليًا للعرش وعند وفاة الملك نصب هذا الصبى خلفًا له ملكًا على البلاد، ولم يكن ذلك الصبي إلا "باتا" نفسه فانتقم لنفسه من زوجته الخائنة بقتلها جزاء غدرها.
وتعود هذه البردية إلى عصر الرعامسة "عصرالدولة الحديثة" وهي محفوظة ألان في المتحف البريطاني،وقدصوّرت ما يمكن أن تأتيه أنثى لعوب في بيت ريفي صغير، وأسهبت القصة في وصف الحياة الريفية وجمعت بين ما يمكن أن يحدث في واقع الحياة وبين ما لا يحدث إلا في الخيال والمعجزات. وقد ظهر اثر لهذه القصة في قصة النبي يوسف .
_______________________ جروب اثار مصر _________________________
قصة الأخوين( الزوجة الخائنة)
قصة الأخوين( الزوجة الخائنة) |
يحكى أن بيتًا واحدًا يضم أخوين كبيرهما متزوج ويسمى "إنبو" وصغيرهما غير متزوج ويسمى "باتا"، وقد وصفت القصة "باتا" الصغير بآيات القوة والإخلاص والوفاء، وصورته مؤيدًا بقوة ربانية، وروت أنه عرف منطق الحيوان، ونسبت إليه المهارة المطلقة في شئون الزراعة والرعي. واعتاد "باتا" أن يخرج بماشية أخيه مع الفجر فيحرث أويحصد ويرعى قطيعه، ثم يعود في المساء محملاً بخيرات الحقل وألبان البقر ويقدمها راضيًا بين يدي أخيه وزوجته. وبعد أن يتناول عشاءه ينطلق إلى حظيرة الماشية فينام فيها وحيدًا قانعًا فإذا اقترب الفجر أعد إفطار أخيه وقدمه إليه، ثم أخذ إفطاره معه وساق ماشيته إلى الحقل والمرعى وكان يحدث أحيانًا أن تتهامس الماشية فيما بينها بأن الكلأ في مكان بعينه وفير نضير؛ فيفهم "باتا" قولها ويحقق لها رغبتها وينتجع بها ما توده من العشب.
وفي يوم كان الأخوان يزرعان في الحقل فاحتاجا إلى بعض البذر، وذهب الأخ الأصغر إلى البيت ليحضره، وكانت زوجة أخيه الكبير تمشط شعرها، فما رأته يحمل قدرًا كبيرًا من البذور على سواعده حتى راقها جماله، وأعجبت بقوته، فراودته عن نفسه، وغلقت الأبواب وقالت هيت لك ودعنا نمرح ساعة ونضجع، فذلك خير لك ولسوف أخيط لك ثيابًا حسانًا، وفوجئ الفتى وأجفل وبدا في هيئة فهد الصيد الغضوب كما روت القصة وأربد وجهه من سوء ما دعته إليه، وقال لها الفتى: "اسمعي أنت بالنسبة لي في منزلة الأم وزوجك في منزلة الأب لأنه أكبر مني وقد تعهدني ورباني فلم هذا العار الذي تدعينني إليه؟ إياك أن تفاتحيني فيه مرة أخرى ولك من ناحيتي ألا أخبر أحدًا به أو أدعه يخرج من فمي إلى أحد". واحتمل "باتا" حمولته، وانصرف إلى المزرعة، فلما بلغ أخاه استأنف العمل كدأبه دون أن ينبس ببنت شفة.
هذا وقد أضمرت المرأة في نفسها الكيد لهذا الفتى وقابلت زوجها في المساء متمارضة متباكية متظاهرة بالألم، وادعت أن أخاه الأصغر راودها عن نفسها، فصمم الأخ الأكبر على قتله عندما يعود بالماشية واختبأ وراء الباب لهذه الغاية، وما إن قرب الصغير من البيت حتى أخبرته بقرة من التي كان يسوقها بما دبر له، ففر "باتا" وتبعه "إنبو" بسلاحه وتطلع "باتا" في محنته إلى ربه رب الشمس رع حور آختي وناجاه: "مولاي الكريم، أنت الذي تفرق بين الآثم والبريء" فاستجاب رع لدعائه وفصل بينه وبين أخيه بنهر عظيم ملأته التماسيح فعجز "إنبو" عن اللحاق به وجرت بينهما محادثة برّأ "باتا" فيها نفسه، وأبان عزمه على الرحيل إلى وادي الأرز وأنه سيضع قلبه على زهرة في أعلى إحدى أشجاره وعين له علامة إذا حدثت كانت دليلاً على وفاته، وعلى الأخ الأكبر حينئذ أن يذهب إلى وادي الأرز ويبحث عن قلبه ويضعه في الماء؛ فتعود الحياة إلى"باتا" ثانية وينتقم لنفسه من القاتل.
وبعد هذه المحاورة رجع "إنبو" إلى قريته فقتل زوجته انتقامًا لأخيه. أما "باتا" فقد ذهب إلى وادي الأرز ولما رأته الآلهة وحيدًا في هذا الوادي أشفقت عليه وجعلت الإله خنوم يسوي له زوجة، وقد خالفته هذه الزوجة فذهبت إلى البحر رغم تحذيره لها من هذا العمل فأراد البحر أن يختطفها ولكن "باتا" أنقذها منه وكل ما استطاع البحر أن يأخذه منها خصلة من شعرها طفت على وجهه حتى وصلت إلى مصر وهناك فاح شذاها وانتشرت رياها، فشغف الفرعون بصاحبتها وأرسل إلى وادي الأرز في طلبها فحضرت زوجة "باتا" مع الرسل وصارت محظية عند الفرعون. ولما كانت تخاف بأس زوجها أغرت الفرعون بقطع شجرة الأرز التي تحمل قلبه فسقط قلبه بسقوطها ومات؛ وعندئذ حدثت العلامة التي كان قد ذكرها لأخيه ليعلم بها أمر موته - وهي فوران إبريق من الجعة - فسعى في الحال إنبو إلى وادي الأرز لينقذ قلب أخيه.
وبعد سنين وجده في صورة فاكهة فأعاده إلى الحياة بوضعه في الماء ثم صير باتا نفسه ثورًا وحمل أخاه إلى مصر وأفصح لزوجه عن شخصه فأغرت الفرعون بقطع الشجرتين وصنع أثاث لها منهما ففعل وأثناء صنع الأثاث تطايرت شظيتان من الخشب دخلتا فم الزوجة فحملت وأنجبت صبيًا صار وليًا للعرش وعند وفاة الملك نصب هذا الصبى خلفًا له ملكًا على البلاد، ولم يكن ذلك الصبي إلا "باتا" نفسه فانتقم لنفسه من زوجته الخائنة بقتلها جزاء غدرها.
وتعود هذه البردية إلى عصر الرعامسة "عصرالدولة الحديثة" وهي محفوظة ألان في المتحف البريطاني،وقدصوّرت ما يمكن أن تأتيه أنثى لعوب في بيت ريفي صغير، وأسهبت القصة في وصف الحياة الريفية وجمعت بين ما يمكن أن يحدث في واقع الحياة وبين ما لا يحدث إلا في الخيال والمعجزات. وقد ظهر اثر لهذه القصة في قصة النبي يوسف .
_______________________ جروب اثار مصر _________________________