السحر الأزلى (حكا)

السحر الأزلى (حكا) :-
السحر الأزلى (حكا)
السحر الأزلى (حكا)

كان المصرى القديم يعتقد فى وجود عوالم مترابطه و متصلة و ليست
منفصلة , فعالم الأرض ليس منفصلا عن عالم السماء , و انما هناك طاقة
روحانية منبعثة من السموات تخترق عالمنا المادى الذى نعيشه و تتخلل كل شئ فيه . هذه الطاقة الروحية كانت تسمى عند قدماء المصريين "حكا" (Heka) .
لا يعرف اللغويون على وجه الدقة الأصل الاشتقاقى لهذه الكلمة , و لكنها تترجم عادة بمعنى "السحر" أو السيطرة على القوى الكونية , بمعنى معرفة كيفية التعامل مع هذه القوى و استخدامها فى تنظيم الحياة على الأرض .
اذا أراد المرء أن يصبح ساحرا فعليه أن يكون مدركا لكل القوى التى تنظم
الحياه فى العالم المادى و يتعلم كيف يتعامل معها .
و لكن تعلم السحر ليس شيئا سهلا , فلا يمكن لشخص أن يتعلم السحر من تلقاء نفسه , و انما عليه أن يتلقى ذلك العلم فى المدارس المتخصصة أو المعابد , على أيدى أساتذة متخصصين لا يسمحون للطالب أن يخضع هذا العلم المقدس لأهوائه الشخصية .
كان الحكماء فى الماضى يدركون أن هناك حقيقة واحدة أزلية , و هى "السحر" أو بمعنى أدق "السحر الأزلى/الكونى" , و هى الطاقة الكونية الأزلية التى قامت بالمعجزة الكبرى و هى "خلق الكون" , فليس هناك معجزة أكبر من معجزة الخلق , و هذا هو السبب فى الارتباط بين مفهوم السحر و بين المعجزة .
آمن المصرى القديم بفكرة "الكون الحى" , فلا شئ فى الكون يخلو من طاقة الحياه . ان مجرد التفكير فى أن هناك شئ ما "جامد/هامد" فى الكون يدل على عمى البصيرة . لا شئ ميت أو جامد فى الكون . الكون كله حى .
و الانسان كغيره من المخلوقات هو نتاج تفاعل بين عدة قوى كونية .
فهل يخضع الانسان لهذه القوى و يستسلم لها , أم يحاول فهمها
و التعامل معها ؟
ان مصير الانسان يتوقف على الاجابة عن هذا السؤال .
فمن يخضع للقوانين بدون فهم يصبح عبدا , و من يسعى للفهم يصبح
سيد مصيره .
يبدو السحر شيئا مخيفا فقط لمن يجهل ذلك العلم .
يسرع علماء العصر الحديث بادانة انسان الحضارات القديمة
ووصفه بالبدائية بسبب خوفه من الظواهر الطبيعية مثل الصواعق
فى حين يقف نفس العلماء مرتبكون أمام علم السحر عند الحضارات
القديمة و لا يعرفون له تفسيرا .
كان كهنة مصر القديمة مطلعين على أسرار علم السحر و نستطيع أن
نتعلم منهم الكثير .
ان قوى ما وراء الطبيعة التى تنظم عالمنا ليست فوق مستوى عقل الانسان كما يظن البعض , و انما يمكن للانسان أن يدركها و يتعامل معها , لأنها فى الحقيقة تكمن داخله فى معبد القلب .
و عند اكتشاف هذه القوى و استخدامها يدرك الساحر أن كل ما يفعله فى هذا العالم له مردود فى العوالم الأخرى ... و كأنه لا توجد أية حدود
أو حواجز تفصل بين عالم و آخر .
و عندما يتعرف الساحر على جوهر السحر , تنكشف له كل الأسرار
و يدخل فى صحبة الكائنات الالهية (النترو) . و عندما ينتقل الى العالم الآخر فانه يستخدم تلك القوى السحرية فى تخطى العقبات فى عالم الدوات (العالم النجمى) , لكى يصل أخير الى عالم السماء ...
حيث الخلود .
-------------------------------------------------------------
من كتاب "السحر و الماورائيات فى مصر القديمة"
(Magic and Mysteries in Ancient Egypt)
للكاتب الفرنسى "كريستيان جاك" (Christian Jacq)

ضع تعليقك