السحر و ادارة شئون الدولة


السحر و ادارة شئون الدولة
السحر و ادارة شئون الدولة
السحر و ادارة شئون الدولة :-
كانت الطقوس السحرية تلعب دورا هاما فى ادارة شئون الدولة
فى مصر القديمة .
فكتب السحر لم تكن مجرد شطحات و شعوذات هواة , و انما كانت
نتاج مؤسسات علمية قامت تحت رعاية الدولة , و تعرف هذه
المؤسسات العلمية فى مصر القديمة باسم "مدارس بيت الحياة"
و كانت مكتبات مدارس بيت الحياة تشكل جزاء من الأرشيف الملكى
الذى يحوى العلوم الملكية (السرية) .
و كان أحد أهم أهداف علم السحر فى مصر القديمة هو "حماية الملك
من الطاقات السلبية ".
من الخطأ أن ننظر الى السحر فى مصر القديمة على أنه ممارسات
شخصية , فتلك نظرة سطحية جدا لعلم السحر فى مصر القديمة .
كان السحر فى مصر القديمة هو علم "ترعاه الدولة" , فقد كانت
كل طقوس المعابد جزاء من طقوس علم السحر , و كان الملك
يلعب الدور الرئيسى فى تنظيم هذه الطقوس و تنظيم وجود الكائنات
الالهية على الأرض و كيفية تجليها فى عالمنا و تدخلها فيه .
كانت مدينة هليوبوليس (ايونو) "مدينة النور" هى أهم مراكز
علم السحر فى مصر القديمة , ففيها ظهرت أقدم النظريات التى
تتناول علم السحر و علاقته بنشأة الكون .
و فى مدينة هليوبوليس دونت برديات لا حصر لها فى شتى العلوم , بما
فى ذلك برديات فى علم الطب و التشريح و الحساب و الهندسة و الفلك
و أيضا علم السحر .
و كانت هليوبوليس هى كعبة العلم التى قصدها فلاسفة اليونان (و منهم أفلاطون و فيثاغورس) و جلسوا عند أقدام كهنة مصر القديمة ليتلقوا منهم العلم .
و كانت "القرابين" تشكل أحد الركائز الأساسية التى تقوم عليها طقوس
السحر فى مصر القديمة , و هى التى تمكن طاقة الحياة من أن تجدد
نفسها .
و على رأس كل القرابين كان تقديم الملك "قربان الماعت" (النظام الكونى) ل "رب الماعت" (الاله الخالق) .
كانت مهمة الملك الأساسية هى اقامة الماعت على الأرض , أى
الحفاظ على النظام الكونى و منع ظهور قوى الفوضى و الظلام على الأرض .
و بمعنى آخر "الحفاظ على الأرض كما كانت فى الزمن الأول حين
خرجت للوجود أول مرة نقية طاهرة قبل أن تظهر فيها
عوامل الفوضى و الظلام" .
كان الشئ الوحيد الذى يخشاه قدماء المصريين هو "الفوضى" ,
و الفوضى هى عكس الماعت (النظام الكونى) تماما , و هى التى
تدمر النظام الكونى و تهددد الكون بالسقوط مرة أخرى فى مياه
الأزل و بعودته مرة أخرى الى حالة ما قبل الخلق .
و النوايا الطيبة ليست كافية لازاحة قوى الفوضى و الظلام فى الكون
و منعها من التدخل فى النظام الكونى و افساده .
لذلك كان علم السحر هو سلاح المصرى القديم لمحاربة تلك القوى الظلامية و منعها من أن تطفئ النور .
كان السحر فى نظر المصرى القديم هو الذى يضمن لقارب الشمس
أن يسير فى مساره (مداره الفلكى) و يكمل رحلته بسلام و أمان .
و هو الذى يساعد النيل لكى يفيض , و الزرع لكى ينضج .
كان السحر ملازما للنظام و النور و هو الذى يزيح كل قوى الفوضى
و الظلام و الفساد و التحلل , و يمنع كل أسباب العطب .
-------------------------------------------------------------
من كتاب "السحر و الماورائيات فى مصر القديمة"
(Magic and Mysteries in Ancient Egypt)
للكاتب الفرنسى "كريستيان جاك" (Christian Jacq)

ضع تعليقك