اقامة الماعت أهم واجبات الحاكم فى مصر القديمة :-
كانت ماعت هى النظام الروحى أو الباطنى المهيمن على أحداث
الزمن الأول , و هو الزمن الميثولوجى الذى وقعت فيه أحداث نشأة
الكون .
و الكون المادى الذى يحيط بنا ما هو الا انعكاس للنظام الروحى
الموجود فى الزمن الأول .
فالنجوم و الكواكب و المجرات و الرياح و الأنهار , هى صدى الماعت .
و لكن هناك فارق جوهر فى علاقة النظام بالفوضى بين العالم المادى
و بين العالم الباطنى / الروحى .
ففى العالم "الباطنى / الروحى" قامت الماعت (قوانين النظام الكونى) بازاحة قوى الظلام و الفوضى و أصبحت هى المهيمنة على الأحداث .
و وقعت كل أحداث الزمن الأول (أحداث النشأة الأولى) حسب قوانين الماعت بعد أن أزيحت قوى الظلام الى الأبد , و أصبح للماعت الكلمة العليا .
أما فى العالم المادى , فالأمر مختلف , فهو معرض لظهور قوى الفوضى
و الظلام فى اى وقت .
و تعتبر الحياه الاجتماعية للانسان هى الأكثر عرضة لظهور قوى الفوضى
و الظلام , و هى قوى تتمثل فى صورة اما أعداء من الخارج , أو فى صورة
فساد النظام من الداخل .
و يعتبر عصر الانتقال الأول (فى نهاية الدول القديمة) أحد أوضح الأمثلة
لظهور قوى الفوضى و الظلام فى المجتمع المصرى , نتيجة اهمال الماعت .
و يبدو و كأن عالم الروح (الخلود) قد انكسر و تحول الى شظايا فى العالم
المادى الفانى , و كأن الروابط بين عالمنا و بين الزمن الأول هى روابط هشة و غير مضمونة .
و لهذا كان الانسان يحتاج دائما الى اقامة الماعت و اعادة اقامتها مرارا
و تكرار , و اقامة الماعت هى طقوس مقدسة كان الهدف منها الاتصال
بالزمن الأول حيث توجد القوى الكونية التى شاركت فى نشأة الكون ,
و هو اتصال يتم فيه استحضار صورة من الماعت (النظام الكونى)
و اقامتها على الأرض , فيما يشبه عملية اسقاط صورة من جهاز بروجكتور .
و فى مصر القديمة كانت طقوس اقامة الماعت على الأرض من أهم
واجبات ملك مصر . بل ان الهدف من وجود وظيفة الملك فى الأساس
كان هو اقامة الطقوس التى من شأنها استدعاء نسخة من الماعت
و استحضار قوانين التناغم الكونى المهيمنة على الزمن الأول لتصبح
الأرض صورة من السماء , و بذلك يتم ازاحة قوى الظلام و الفوضى
من المجتمع .
و قد حفظ لنا الأدب المصرى وصفا للفوضى التى حلت بمصر فى العصر
الانتقالى الأول بسبب اهمال الملك لأهم واجباته الملكية و هى اقامة الماعت مما نتج عنه الانهيار الكامل لأركان الدولة , و قد وجهت النصوص
المصرية اللوم لشخص الملك و حملته المسئولية .
و قد وصف الأدب المصرى القديم الفترات التى خرج فيها المجمتع عن
الماعت (النظام) بأنها عصور الفوضى , و أهم ما يميز تلك الفترات هو
اهمال طقوس المعابد , و الصراع الطائفى , و انهيار وسائل الاتصال ,
و ضياع العدالة .
و لكى يخرج المجتمع من حالة الفوضى و يعود الى النظام , كان على
الملك أن يقوم باقامة الماعت على الأرض . أى يقوم بطقوس الاتصال
بالزمن الأول و يقوم بعمل (projecting) لقوانين التناغم الكونى على
الأرض لازاحة قوى الظلام التى تعيث فيها فسادا .
و نجد مثلا لذلك فى الأدب المصرى الذى تحدث عن فترة حكم اخناتون
التى سقطت فيها مصر فى حالة فوضى , فاحدى النصوص وصفت
اعتلاء الملك "توت – عنخ - آمون" بالكلمات الآتية :-
أزاح "توت – عنخ – آمون" الفوضى من الأرضين
و أقام مكانها الماعت
و أصبحت الأرض كما كانت فى الزمن الأول
-------------------------- -------------------------- -----------------------
من كتاب (Temple of the Cosmos) للكاتب البريطانى Jeremy Naydler
اقامة الماعت أهم واجبات الحاكم فى مصر القديمة |
كانت ماعت هى النظام الروحى أو الباطنى المهيمن على أحداث
الزمن الأول , و هو الزمن الميثولوجى الذى وقعت فيه أحداث نشأة
الكون .
و الكون المادى الذى يحيط بنا ما هو الا انعكاس للنظام الروحى
الموجود فى الزمن الأول .
فالنجوم و الكواكب و المجرات و الرياح و الأنهار , هى صدى الماعت .
و لكن هناك فارق جوهر فى علاقة النظام بالفوضى بين العالم المادى
و بين العالم الباطنى / الروحى .
ففى العالم "الباطنى / الروحى" قامت الماعت (قوانين النظام الكونى) بازاحة قوى الظلام و الفوضى و أصبحت هى المهيمنة على الأحداث .
و وقعت كل أحداث الزمن الأول (أحداث النشأة الأولى) حسب قوانين الماعت بعد أن أزيحت قوى الظلام الى الأبد , و أصبح للماعت الكلمة العليا .
أما فى العالم المادى , فالأمر مختلف , فهو معرض لظهور قوى الفوضى
و الظلام فى اى وقت .
و تعتبر الحياه الاجتماعية للانسان هى الأكثر عرضة لظهور قوى الفوضى
و الظلام , و هى قوى تتمثل فى صورة اما أعداء من الخارج , أو فى صورة
فساد النظام من الداخل .
و يعتبر عصر الانتقال الأول (فى نهاية الدول القديمة) أحد أوضح الأمثلة
لظهور قوى الفوضى و الظلام فى المجتمع المصرى , نتيجة اهمال الماعت .
و يبدو و كأن عالم الروح (الخلود) قد انكسر و تحول الى شظايا فى العالم
المادى الفانى , و كأن الروابط بين عالمنا و بين الزمن الأول هى روابط هشة و غير مضمونة .
و لهذا كان الانسان يحتاج دائما الى اقامة الماعت و اعادة اقامتها مرارا
و تكرار , و اقامة الماعت هى طقوس مقدسة كان الهدف منها الاتصال
بالزمن الأول حيث توجد القوى الكونية التى شاركت فى نشأة الكون ,
و هو اتصال يتم فيه استحضار صورة من الماعت (النظام الكونى)
و اقامتها على الأرض , فيما يشبه عملية اسقاط صورة من جهاز بروجكتور .
و فى مصر القديمة كانت طقوس اقامة الماعت على الأرض من أهم
واجبات ملك مصر . بل ان الهدف من وجود وظيفة الملك فى الأساس
كان هو اقامة الطقوس التى من شأنها استدعاء نسخة من الماعت
و استحضار قوانين التناغم الكونى المهيمنة على الزمن الأول لتصبح
الأرض صورة من السماء , و بذلك يتم ازاحة قوى الظلام و الفوضى
من المجتمع .
و قد حفظ لنا الأدب المصرى وصفا للفوضى التى حلت بمصر فى العصر
الانتقالى الأول بسبب اهمال الملك لأهم واجباته الملكية و هى اقامة الماعت مما نتج عنه الانهيار الكامل لأركان الدولة , و قد وجهت النصوص
المصرية اللوم لشخص الملك و حملته المسئولية .
و قد وصف الأدب المصرى القديم الفترات التى خرج فيها المجمتع عن
الماعت (النظام) بأنها عصور الفوضى , و أهم ما يميز تلك الفترات هو
اهمال طقوس المعابد , و الصراع الطائفى , و انهيار وسائل الاتصال ,
و ضياع العدالة .
و لكى يخرج المجتمع من حالة الفوضى و يعود الى النظام , كان على
الملك أن يقوم باقامة الماعت على الأرض . أى يقوم بطقوس الاتصال
بالزمن الأول و يقوم بعمل (projecting) لقوانين التناغم الكونى على
الأرض لازاحة قوى الظلام التى تعيث فيها فسادا .
و نجد مثلا لذلك فى الأدب المصرى الذى تحدث عن فترة حكم اخناتون
التى سقطت فيها مصر فى حالة فوضى , فاحدى النصوص وصفت
اعتلاء الملك "توت – عنخ - آمون" بالكلمات الآتية :-
أزاح "توت – عنخ – آمون" الفوضى من الأرضين
و أقام مكانها الماعت
و أصبحت الأرض كما كانت فى الزمن الأول
--------------------------
من كتاب (Temple of the Cosmos) للكاتب البريطانى Jeremy Naydler