أبعاد الكون الظاهر و الباطن

أبعاد الكون الظاهر و الباطن
أبعاد الكون الظاهر و الباطن
أبعاد الكون الظاهر و الباطن :-
تصور الساعة الثانية عشر من كتاب البوابات مشهدا فريدا غنيا
بالرموز التى تعكس فكرة قدماء المصريين عن أبعاد الكون الظاهر
منها و الباطن .
و كتاب البوابات هو أحد الكتب السماوية فى مصر القديمة
(و عددها 13 كتاب) , و هو يصف رحلة "رع" (النور الالهى مجسدا
فى الشمس) فى ال "دوات" , و هى رحلة يومية , تبدأ بابتلاع نوت (السماء) لقرص الشمس عند المغيب , و تشمل الرحلة مرور "رع"
ب 12 بوابة , و تنتهى بميلاد رع من جديد فى الأفق الشرقى .
أى انها رحلة موت و بعث من جديد ل "رع" تهدف الى تجديد طاقته
و طاقة الكون كله .
و يصف الكاتب الانجليزى Jeremy Naydler فى كتابه
(Temple of the Cosmos) ال "دوات" بأنه أحد أبعاد الكون الخفية ,
و يرى أن كلمة "العالم السفلى" ليست ترجمة دقيقة لمصطلح ال "دوات" عند قدماء المصريين , فالدوات خارج نطاق عالم التجسد ,
و بالتالى لا تنطبق عليه الاتجاهات (أسفل أو فوق) . فاذا بحثت فى الكون الذى نعرفه و الذى يتكون و كواكب و نجوم و مجرات فلن تجد
الدوات , لأن هذا العالم المتجسد الذى نعيش فيه الآن هو العالم الخارجى/الظاهر بينما الدوات هو عالم داخلى/باطنى .
و لذلك يرى Jeremy Naydler أن الترجمة الأدق لكلمة "دوات" هى
"عالم الباطن" .
و فى هذا المشهد من كتاب البوابات نرى فى الجزء العلوى
(فوق قارب رع) جسدا بشريا متكورا على نفسه صانعا بذلك تجويفا
و حيزا فارغا يشبه الفقاعة , لا تدخلها المياه المحيطه بها من كل
جانب .
و هذا الجسد البشرى المتكور هو "أوزير" يقول النص المكتوب
داخل التكوير (ان هذا هو أوزير , و هو يحيط بالدوات ) . أى أن ال
"دوات" هو مملكة أوزير .
و فوق رأس أوزير تقف امرأة تحيط بها المياه من كل جانب و لا يبرز
من المياه سوى رأسها و ذراعاها اللذان يرفعان قرص الشمس
(أو يستقبلانه) . و النص المكتوب بجوار المرأة يقول ( ها هى نوت تستقبل رع ) .
أما رع الذى يظهر هنا على شكل قرص شمس , فهو يتصل من ناحية بذراعى نوت (التى تقف فوق رأس أوزير) , و يتصل من الناحية الأخرى بالجعران "خبرى" رمز البعث و الميلاد من جديد .
و يقف "رع" المبعوث من جديد فوق قاربه تحيط به من اليمين و اليسار كل من ايزيس و نفتيس .
أما طاقم البحارة لقارب رع فيتكون من 8 من القوى الكونية , و كان هذا العدد مقدسا عند قدماء المصريين , لأنه مرتبط بثامون الأشمونيين و هى القوى الكونية الثمانية التى تفاعلت داخل نون و أخرجت رع
(النور و النظام الكونى) للوجود .
و نلاحظ أن كل من مملكة أوزير و قارب رع تحيط بهما المياه من كل
جانب , فهما يسبحان فى محيط لانهائى من المياه . و تلك المياه
هى مياه الأزل (نون) التى خلق منها الكون .
توصف نون بأنها بحر من الفوضى و الظلام ليس له سطح أو شكل ,
و بأنها هى قاع الوجود و الرحم المظلم الذى خلق منه الكون . أى أنها بحر من الطاقة فى حالة أولية لم تتشكل بعد (حالة ما قبل الخلق) .
و برغم أن المياه محيطه بمملكة أوزير و قارب رع من كل جانب الا أنها لا تستطيع الدخول الى حيز تلك الأبعاد من الكون . اذ يرفع "نون" بذراعيه قارب رع و يحفظه من السقوط فى محيط المياه .
يظل قارب رع محفوظا من السقوط فى هاوية نون بفضل تلك الصلة السحرية بينه و بين الدوات (مملكة أوزير) .
فقارب رع يمثل العالم "الظاهر/المتجسد" الذى يحوى كل ما نعرفه من كواكب و نجوم و مجرات , بينما تمثل مملكة أوزير (الدوات) العالم "الغير متجسد/الباطن" .
و بفضل الرحلة المقدسة التى يقوم به رع الى الدوات يكتسب رع طاقة كونية جديدة و يستطيع الاستمرار فى الوجود و التغلب على عوامل الفوضى و الظلام .
و تلعب نوت دورا فى تلك الرحلة بأن تبتلع رع عند مروره بالبوابة الأولى , ثم تعود لتلده من جديد عند الأفق الشرقى عند البوابة الثانية عشر .
لذلك كانت نوت تقف فوق رأس أوزير و ترفع ذراعاها لتستقبل رع
و ترفعه فوق مياه الأزل .

ضع تعليقك