السحر فى مصر القديمة (الجزء الرابع عشر) الطقوس المقدسه

السحر فى مصر القديمة (الجزء الرابع عشر) الطقوس المقدسه
السحر فى مصر القديمة (الجزء الرابع عشر) الطقوس المقدسه
السحر فى مصر القديمة (الجزء الرابع عشر) الطقوس المقدسه :-
بالاضافة الى الصور المقدسه , و الكلمات المقدسه , يحتاج تفعيل
طاقة الحكا (السحر) أيضا الى "الطقوس المقدسه" .
ان ما يجعل الفعل الذى يقوم به الانسان فعلا مقدسا (أى طقسا مقدسا) هو أن يكون محتواه روحانيا .
و كما تقوم الصور المقدسه و الكلمات المقدسه باستحضار
و استقطاب الطاقة الروحانية من عالم الروح , كذلك يمكن للانسان
أن يقوم بذلك عن طريق حركات و ايماءات معينة .
و تقوم الحركات فى تلك الحالة بدور الوسيط أو القناه لنقل الطاقة
بين عالمين أو بعدين من أبعاد الكون .
و الحركات أو الايماءات المقدسه هى الحركات التى يقوم بها الانسان بطريقة طقسية .
و هنا يبرز سؤال مهم : و ما الذى يجعل حركة أو ايماءة معينة دون غيرها تتحول الى طقس أو شعيرة مقدسه ؟
ان ما يجعل الحركة أو الايماءة التى يقوم بها الانسان طقسا أو شعيرة مقدسه هو أن تكون تلك الحركة أو الايماءة خالية تماما من الشخصانية (ego) .
فالطقس المقدس ليس هدفه التعبير عن شخصية من يقوم به .
و عند تأمل حركة أو سلسلة من الحركات و الايماءات الطقسية فى الفن المصرى القديم نجد أن من يقوم بها لا يعبر عن شخصيته أثناء القيام بتلك الطقوس , و انما هو يتحول (بجسده) الى قناه تنتقل عن طريقها طاقة الحكا (السحر) من عالم الروح الى عالم الماده .
و عندما يقوم الكاهن بالحركات الطقسية , فانه يقوم بتحويل جسده الى علامة هيروغليفية تعمل على استحضار الطاقة الروحانية من عالم الروح .
و الفن المصرى القديم ملئ بالمشاهد التى تصور العديد من الحركات الطقسية التى كان يقوم بها الكهنة لاستقطاب طاقة الحكا , و عند تأمل تلك المشاهد علينا أن ندرك أن السر يكمن فى أن تلك الحركات لا تعبر عن شخصية من يقوم م بها , و انما العكس هو الصحيح . ففى تلك الطقوس تسقط شخصانية الكاهن الذى يقوم بها و لا يعد لشخصيته
وجود , فقد تحول هو نفسه الى أداه أو قناه لنقل الطاقة .
و لما كان الملك فى مصر القديمة على رأس هرم المعرفة الروحانية و هو كبير الكهنة لذلك كانت كل تفاصيل حياة الملك اليومية هى عبارة عن سلسلة من الطقوس المقدسه .
يقول ديودور الصقلى ان حياة الملك فى مصر القديمة كانت تتبع نظاما صارما , فلا تكاد تخلو ساعة من ساعات الليل أو النهار من طقس من الطقوس المقدسه التى كان يجب على الملك القيام بها , و هى من واجبات عمله كملك و يمكنه أبدا اهملها .
لم يكن هناك شئ فى حياة الملك لا يخضع لذلك النظام الصارم للطقوس بما فى ذلك حريته فى أن يتنزه أو أن يغتسل .
ان أى فعل لا يؤدى طقسيا هو مجرد عمل بشرى دنيوى , أما عند القيام بالطقوس فالانسان يتحول من مجرد شخص الى وسيط أو قناه للطاقة الالهية .
ان الهدف من الطقوس و الشعائر هو استحضار و استقطاب الطاقة الروحانية , لذلك فان الطقس المقدس يؤدى فى الحقيقة على المستوى المادى , و فى نفس الوقت على المستوى الروحى أيضا . تحدث الطقوس المقدسه فى عالم الروح و هو عالم النترو (الكائنات الالهية / القوى الكونية) , لذلك لابد أن تكون النترو شاهدة على تلك الطقوس و مشاركة فيها أيضا لأن تلك المشاركة هى ما يجعل الطقوس "مقدسه".
لذلك كان قدماء المصريين و غيرهم من شعوب العالم القديم يعتقدون أن ما يقومون به من طقوس مقدسه لم يكن هدفه خير شعبهم أو أمتهم فقط , و انما هدفه خير الانسانية كلها , بل و الكون كله . و ما زال شعب قبائل الكوجى (Coggi) بشمال كولومبيا الى يومنا هذا يحتفظ بذلك الموروث الثقافى , و هو الاعتقاد بأن الطقوس المقدسه هى
من أجل الانسانية كلها , و ليست لخير شعب أو أمة واحدة فقط دون باقى الأمم .
-----------------------------------------------------------------------
من كتاب (Temple of the Cosmos) للكاتب البريطانى Jeremy Naydler

ضع تعليقك